إرث الشيخ زايد

قصة تحول أبوظبي من إمارة ساحلية بعدد قليل من السكان في الخليج العربي إلى مركز مزدهر ومعروف عالمياً، وموطن للناس من جميع الجنسيات، نجحت بفضل رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وقدرته جمع القبائل والناس المختلفين معاً لتحقيق التقدم المنشود.

في كتابه (صقر الصحراء) نقل الكاتب والصحافي كلود موريس عن العقيد جون بوستيد الدبلوماسي البريطاني، الذي عاش فترة طويلة في المنطقة، قوله: "دهشت من الجموع التي تحتشد دوماً حول الشيخ زايد وتحيطه باحترام واهتمام، وقد شق الينابيع لزيادة المياه لري البساتين. كان الشيخ زايد يجسد القوة مع مواطنيه فكان يشاركهم حفر الآبار وإنشاء المباني وتحسين مياه الأفلاج والجلوس معهم ومشاركتهم في معيشتهم بكل تواضع. كان زعيماً ديمقراطياً وقائداً وطنياً وشيخ القبيلة المؤهل فعلاً لتحمل كافة مسؤوليات القيادة".

تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مسؤوليات ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية (العين) في العام 1946، في سن التاسعة والعشرين. وكانت العين حينها تعاني من قلة الموارد، بما في ذلك الماء الضروري للزراعة، فأوجد الشيخ زايد الحلول لهذه المشاكل، وجلب المياه للأراضي الزراعية، وبنى أول مدرسة وأول مستشفى وأول سوق مغطى في المدينة.

نتيجة لذلك، سرعان ما اكتسب احترام الناس. وفي عام 1966، عُيّن الشيخ زايد حاكماً لإمارة أبوظبي.

ورغم أن أبوظبي بدأت إنتاج وتصدير كميات مهمة من النفط في الستينيات من القرن العشرين، إلا أن نسبة الإنجازات الكبيرة التي حققها المغفور له الشيخ زايد ليس بسبب الثروة النفطية، بل كانت إحدى أكبر نقاط قوة الشيخ زايد القيادية تكمن في قدرته على في رسم ووضع الخطط التي تخدم أهل أبوظبي وتحقق مصلحتهم في المستقبل القريب والمتوسط والبعيد، وضمان قدرة جهاز الحكومة على تنفيذ هذه الخطط بدقة.

وبعد شهر واحد من توليه مقاليد الحكم في أبوظبي في أغسطس 1966، أسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مجلساً للتخطيط تم تكليفه بوضع خطة تنموية شاملة لتسريع تطور أبوظبي إلى مركز عالمي للأعمال والسياحة.

كما شهدت رؤيته تحولاً في أنظمة التعليم والرعاية الصحية والزراعة والبنية التحتية في الإمارة، وتعزيز دفاعها وأمنها الغذائي، من خلال الإشراف على الدوائر الحكومية المتخصصة.

تمحورت طريقة حكم الشيخ زايد حول المجالس العادية المفتوحة للجميع ، حيث يُسمع لكل من يتحدث. فضمنت المجالس التماسك الاجتماعي وعززت الإصلاح الاقتصادي وأظهرت أن صوت وإرادة الناس يؤثران بشكل مباشر على القرارات المتعلقة بالسياسة. لقد كانت ممارسة ظهرت بشكل بارز خلال فترة الشيخ زايد كممثل للحاكم في العين وحتى بعد أن أصبح حاكماً لإمارة أبوظبي.

ويعد الازدهار الاقتصادي الذي تتمتع به أبوظبي اليوم نتيجة لهذه الإصلاحات وحرص الشيخ زايد على وضع مصلحة المجتمع في صدارة الأولويات، وهي فلسفة القيادة التي ترسخت واستمرت في أبوظبي إلى يومنا هذا.